مدينة شفشاون Chefchaouen، إنها البحر عندما يستلقي على قمم الجبال، فتنكسر في زرقته كل أشعة الشمس و ينعكس كوهج جوهرة زرقاء، بل هي الجوهرة الزرقاء فعلا حين تُجلل في تاج من قرون و نتوءات الطبيعة ترصع الجبل ببريق يخطف من زرقة السماء و يغرف من ورقة البحر.
مدينة الأمن و التاريخ و الجمال
كقلعة حامية و حصن منيع تكونت هذه المدينة العصماء في شمال المغرب الاقصى، حين لجأ إليها المضطهدون من مسلمي إسبانيا، كانت لهم مأوى ضامنا و ملجأ آمنا، تأسست في العام 1471، و تلونت في تشكلها بزرقتها و تميزت بروحها المسالمة و اتخذت لها منذ ذلك العهد البعيد اسما ورسما لن يعفو في الزمن و لن يمحى في الأثر و ظلت مترفعة في قمتها و زاهية في زينتها و جمالها.
لم تغب مدينة شفشاون يوما عن مشهد التميز و الشهرة و لم تكن صورها تتوارى عن مطالعة العيون و تطلع قلوب الزائرين إليها فقد كانت دوما محط الأنظار و وجهة المستكشف و قبلة الشغف و المتعة ، بل ازدادت الرغبة في ودها و وصلها من هنا و هناك و زيارتها من القريب و البعيد و اكتشاف روعتها و ألقها و السير في شورعها و أزقتها و سحر بيوتها و دروبها و ارتقاء ممراتها الصاعدة في طلب القمم ترتفع بين الأزرق و الأبيض و هي ساكنة في سكينتها متشبثة بأصولها في التاريخ، يعبق في أرجائها عطره و أريجه و يفوح في أعطافها و أحضانها.
شفشاون وجهة سياحية
ازدادت شهرة المدينة و زاد الإقبال عليها كوجهة سياحية عالمية انتشرت صورها و اشتهرت و زينت الصفحات و المواقع و المنشورات و ألهمت الخواطر و العقول و ألهبت المشاعر و زرعت الرغبة في لقائها و زيارتها ليكتـشف القـادم إليــها ماءها منبــثقا في نبع " راس العين" و شلالاتها المتدفقة و سقاياتها التي تروي ماء عذبا من أعماق الجبل، و ظلالها التي تبسطها أشجارها من تين و زيتون و كرز، و ساحتها "وطاء الحمام" حيث تنبسط أرضها و يتجمع وافدوها في مقاهيها و مراحاتها يتناولون الشاي و ينعمون بالأنس و الراحة و لذة لا تضاهي، حيث العيون تأسرها الألوان و الفسيفساء و تنضيد المعمار و تراتبه في أشكال جميلة كقطعة من أندلس.
و لا تلبث المدينة أن تسكن قلوب ضيوفها و تكسب فيها الحنين إليها و تأسر النفوس في ذكرياتها و صورها، فيشق تركها و تصعب مغادرتها و قد ارتبطت بالأرواح في تفاصيلها، قد جمعوا من صورها و هي في حلتها و زينتها لينشروه في كل مكان و يبهروا به من لا يعرفها و قد قل من لا يعرفها، إنها شفشاون الجوهرة الزرقاء، حين يستلقي البحر على القمم و يغترف من زرقة السماء.
شفشاون : الجوهرة الزرقاء Chefchaouen |
شفشاون : الجوهرة الزرقاء Chefchaouen |
شفشاون : الجوهرة الزرقاء Chefchaouen |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق